{{إن مع العسر يسراً }}
يا إنسان بعد الجوع شبع ، وبعد الظمأ ري ، وبعد السهر نوم ، وبعد المرض
عافية ، سوف يصل الغائب ، ويهتدي الضال ، ويفك العاني ، وينقشع الظلام
{ فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده }.
بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال ، ومسارب الأودية ، بشر
المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ، ولمح البصر ، بشر المنكوب بلطف
خفي ، وكف حانية وادعة .
إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد ، فاعلم أن وراءها رياضاً خضراء وارفة الظلال .
إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد ، فاعلم أنه سوف ينقطع .
مع الدمعة بسمة ، ومع الخوف أمن ، ومع الفزع سكينة .
النار لا تحرق إبراهيم الخليل ، لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة { برداً وسلاماً على إبراهيم } .
البحر لا يغرق كليم الرحمن ، لإن الصوت القوي الصادق نطق بـ { كلا إن معي ربي سيهدين }
المعصوم في الغار بشر صاحبه بأنه وحده جل في علاه معنا ، فنزل الأمن والفتح والسكينة .
إن عبيد ساعاتهم الراهنة ، وأرقاء ظروفهم القاتمة ، لا يرون إلا النكد
والضيق والتعاسة ، لأنهم لا ينظرون إلا إلى جدار الغرفة ، وباب الدار فحسب
، ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب ، وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ماوراء
الأسوار .
إذاً فلا تضق ذرعاً فمن المحال دوام الحال ، وأفضل العبادة انتظار الفرج ،
الأيام دول ، والدهر قلب ، والليالي حبالى ، والغيب مستور ، والحكيم كل
يوم هو في شأنٍ ، ولعلَ الله يحدث بعد ذلك أمراً ، وإن مع العسر يسراً ،
إن مع العسر يسراً .